عدم الشفافية في المشتريات، الاعتماد المفرط على المانحين، وغياب الإرادة السياسية للإنتاج المحلي: تحليل استقصائي حديث لسوق الأدوية في إفريقيا

تكشف تحليلات استقصاء السوق الحديثة التي قادها نشطاء الصحة المجتمعية في كينيا، مالاوي، وأوغندا عن تحديات هيكلية تعرقل الوصول المنصف والمستدام إلى الأدوية المنقذة للحياة، وتشمل هذه التحديات: عدم الكفاءة في نظم الشراء، الاعتماد المفرط على التمويل الخارجي، والافتقار إلى الإرادة السياسية لتعزيز الإنتاج المحلي.

نُشرت هذه التقارير من قبل شبكة القضايا القانونية والأخلاقية في كينيا حول فيروس نقص المناعة (KELIN)، وجمعية الدفاع عن حقوق الصحة المجتمعية في مالاوي (CHeRA)، ومركز الصحة وحقوق الإنسان والتنمية في أوغندا (CEHURD)، بدعم تقني ومالي من التحالف الدولي للتأهب للعلاج (ITPC). وتدعو التقارير إلى اتخاذ إجراءات تحويلية تشمل تحديث وتوحيد نظم البيانات، والاستثمار في التصنيع المحلي، ومراجعة قوائم الأدوية الأساسية لتتماشى مع الاحتياجات الناشئة.

من خلال مراجعة شاملة للبيانات وتحليل على المستويين الوطني والإقليمي، درست التحليلات كيفية شراء أدوية فيروس نقص المناعة البشرية والسل والتهاب الكبد C، مبرزة نقاط الضعف مثل التأخيرات، نقص المخزون، الإنفاق المفرط على منتجات محددة، والاعتماد الكبير على الواردات والتمويل الخارجي. كما ساعدت النتائج في تحديد اختلالات السوق كالفروق الكبيرة في الأسعار أو الاعتماد على مورد واحد، مما يستدعي تحقيقات إضافية في معوقات الوصول.

تهدف التوصيات إلى دعم صانعي السياسات في تحديد المنتجات الصحية ذات الأثر العالي من حيث الفعالية من حيث التكلفة، وتسهيل التفاوض حول الأسعار، وضمان توفر السلع الصحية الأساسية وإمكانية الوصول إليها.

الاعتماد المفرط على المانحين الدوليين: تشير الدراسات إلى الدور الحاسم للمانحين الدوليين مثل الصندوق العالمي وPEPFAR والبنك الدولي في تمويل الصحة في هذه البلدان، مع مساهمات حكومية محدودة، ما يبرز الحاجة إلى استراتيجيات تمويل صحية وطنية مستدامة.

في كينيا، وجدت الدراسة أن “حياة الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة تعتمد بشكل كبير على سلسلة التوريد الحالية المدعومة بنسبة 90٪ من الواردات والمانحين”، ما يُعد تهديدًا في حال تغيّرت الظروف العالمية.

أوصت الدراسة كينيا بتبني إطار داعم للتصنيع المحلي على غرار مبادرة PVAC الرئاسية في نيجيريا، التي تسعى لتحفيز إنتاج وتوافر أدوية نوعية محليًا.

اتفاقيات التجارة التي تعيق الوصول إلى الأدوية الجنيسة: أشارت التقارير إلى أن إدراج قواعد “تريبس+” في الاتفاقيات التجارية يعرض قدرة الحكومات على ضمان الصحة العامة للخطر. وأُعطي مثالاً على ذلك اتفاق الشراكة الاقتصادية الشاملة بين كينيا والإمارات، والذي قد يقيّد الوصول إلى الأدوية الجنيسة ذات الأسعار المعقولة.

الشفافية في المشتريات وتوسيع الوصول إلى الأدوية الجديدة: استعرضت دراسة مالاوي عمليات الشراء وأسعار المنتجات الصحية، ودعت إلى التكامل الإقليمي ودعم آليات الشراء والتصنيع الجماعي من خلال وكالات مثل CDC أفريقيا ووكالة الأدوية الإفريقية، مع تحسين الشفافية وزيادة الوصول المنصف.

في أوغندا، أشارت الدراسة إلى غياب الشفافية في آليات المشتريات داخل الحكومة، وغياب أدوية التهاب الكبد C الحديثة عن قائمة الأدوية الأساسية، ما يصعّب الشراء الحكومي. وأشارت إلى أن تكلفة العلاج في القطاع الخاص تصل إلى 376 دولارًا، مقابل 58 دولارًا فقط عبر الشراء الجماعي، ما يُظهر فجوة سعرية بنسبة 549٪.

وتوصي الدراسة أوغندا بزيادة الميزانية الحكومية للسلع الصحية، وتسريع اعتماد خيارات العلاج الجديدة مثل CAB/RPV، وتشجيع المنافسة الجنيسة والتفاوض مع المصنعين.

معالجة عوائق الإنتاج المحلي: في كينيا، تعوق البنية التحتية غير الكافية والبيئة التنظيمية الضعيفة مشاركة المصنعين المحليين. توصي الدراسة بمراجعة الأطر القانونية والتنظيمية لدعم الإنتاج المحلي.

في أوغندا، يُنظر إلى الإنتاج المحلي كوسيلة لتقليل التكاليف وضمان الاستدامة، خاصة للأدوية المضادة للفيروسات وأدوية الوقاية.

تعزيز الاختبارات التشخيصية لتحقيق العدالة الصحية: في كينيا، تُعد محدودية خدمات التشخيص عائقًا رئيسيًا، وتوصي الدراسة بتوسيع هذه الخدمات وضمان توفر العلاجات المثلى. كما تدعو إلى التوسع في إنتاج الأدوية التشخيصية الجنيسة لمرض السل والتهاب الكبد.

يجري حاليًا إعداد تقارير تحليل إضافية في السنغال وتونس بدعم من ITPC Global.

[1] اتفاقية تريبس هي إطار دولي لحماية حقوق الملكية الفكرية، بينما تتجاوز قواعد تريبس+ هذا الإطار وتفرض قيودًا إضافية قد تؤثر سلبًا على إمكانية الوصول إلى الأدوية الجنيسة.

Source : https://makemedicinesaffordable.org/africa-market-intelligence-analysis-community-health/