تجديد موارد الصندوق العالمي: على دول مجلس التعاون الخليجي الإعلان عن تعهّدها قبل اجتماع مجلس الإدارة المقبل

بيان صادر عن 46 منظمة

الأربعاء 3 ديسمبر 2025

بينما يواجه العالم تحديات صحية غير مسبوقة، تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرحلة حرجة تتسم بتسارع الأزمات الصحية. فالمنطقة تشهد أسرع وباء متنامٍ لفيروس نقص المناعة البشرية على مستوى العالم، وارتفاعًا مقلقًا في أعباء السل، إضافة إلى هشاشة الأنظمة الصحية في عدة بلدان مجاورة.
هذه المخاطر ليست بعيدة — فهي تشكل تهديدًا مباشرًا للصحة والاستقرار والأمن الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، نظرًا لعمق الروابط التي تربط المنطقة عبر تنقل اليد العاملة والتجارة والتبادل الثقافي والديني.

الرؤى الوطنية الخليجية: أساس قوي لقيادة صحية إقليمية

لقد أثبتت دول مجلس التعاون الخليجي قدرتها على دمج التنمية الاقتصادية والابتكار والدبلوماسية الفاعلة ضمن رؤى استراتيجية طويلة المدى، من بينها:

  • رؤية السعودية 2030 و المئوية الإماراتية 2071، حيث يحتل القطاع الصحي موقعًا مركزيًا.
  • رؤية الكويت 2035 التي تسلّط الضوء على تحسين جودة الخدمات الصحية.
  • رؤية عُمان 2040 التي تضع الصحة كأولوية وطنية محورية.
  • رؤية البحرين الاقتصادية 2030 التي تركّز على خدمات صحية عادلة، عالية الجودة ومتاحة للجميع.
  • أما قطر فقد تبنّت استراتيجية صحية وطنية طموحة (2024–2030) تحت شعار «الصحة للجميع»، والمنسجمة مع رؤية قطر الوطنية 2030.

هذه الرؤى تعبّر عن طموح مشترك لتعزيز أنظمة صحية قوية، مرنة، وشاملة.

فرصة استراتيجية: قيادة خليجية في التجديد الثامن للصندوق العالمي

يشكّل التجديد الثامن لموارد الصندوق العالمي فرصة تاريخية لدول مجلس التعاون الخليجي من أجل:

  • الانتقال من دور المانح إلى دور القائد المؤسِّس في الصحة العالمية؛
  • تعزيز حضورها الدبلوماسي عبر الدبلوماسية الصحية؛
  • وترسيخ موقعها في صدارة التعاون الدولي والأمن الإقليمي.

لماذا يُعد دعم الصندوق العالمي استثمارًا استراتيجيًا لدول مجلس التعاون؟

  1. احتواء الأوبئة من المصدر
    الحد من انتشار فيروس نقص المناعة البشرية والسل في البلدان المجاورة يحمي سكان الخليج مباشرة ويقلّل التكاليف الصحية المستقبلية.
  2. تعزيز الأنظمة الصحية الإقليمية
    تساهم استثمارات الصندوق العالمي في دعم المختبرات، وسلاسل توريد الأدوية، وقدرات العاملين الصحيين — وهي عناصر أساسية للتصدي للأزمات الصحية المقبلة.
  3. تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي
    المجتمعات الصحية تضمن استمرارية اليد العاملة والتجارة وسلاسل التوريد الحيوية التي تعتمد عليها اقتصادات دول المجلس.

يُعد الصندوق العالمي من أعلى الاستثمارات مردودية في مجال الصحة العالمية، حيث يحقق كل دولار مستثمر 19 دولارًا من المكاسب الصحية والاقتصادية.
إن تعهّدًا خليجيًا بزيادة لا تقل عن 15% مقارنة بالتعهّدات السابقة لن يكون مجرد دعم مالي — بل استثمار استراتيجي في الازدهار الاقتصادي المستدام وتعزيز النفوذ السياسي.

دعوة إلى التحرك: أولويات القيادة الخليجية في التجديد الثامن للصندوق العالمي

  1. الإعلان الفوري عن تعهّدات مالية طموحة
    إرسال رسالة ثقة دولية ودعم الاستمرارية التمويلية للتجديد الثامن، مع دراسة آليات مبتكرة مثل مبادرة Debt2Health التي تحول الديون السيادية إلى استثمارات صحية مباشرة.
  2. تعزيز الدور الخليجي في حوكمة الصندوق العالمي
    المشاركة في صياغة السياسات وتحديد الأولويات التمويلية بما يعكس احتياجات وتحديات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
  3. دمج الأمن الصحي ضمن أولويات السياسات العليا
    ربط استثمارات التجديد الثامن بأهداف الأمن الوطني، وتعزيز التعاون الإقليمي، وضمان استدامة البرامج الصحية الممولة من الصندوق العالمي.
  4. التركيز على الفئات المهمّشة
    ضمان وصول البرامج إلى المجتمعات الضعيفة والمهمشة، وتعزيز المساواة الصحية وحقوق الإنسان في المنطقة.
  5. تسريع الوصول إلى الابتكارات الصحية
    الاستثمار في أحدث أدوات التشخيص والرقمنة والوقاية، بما يتماشى مع رؤى دول الخليج نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.

الوقت مناسب للقيادة والعمل الجريء

تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بموقع فريد يمكّنها من قيادة تحول حقيقي في الصحة العالمية.
إن دعم التجديد الثامن للصندوق العالمي هو خطوة استراتيجية لحماية السكان، وتعزيز المكانة الدولية، وضمان الاستقرار الإقليمي.

إن عدم التحرك الآن سيزيد المخاطر الصحية والاقتصادية والاجتماعية، بينما سيضمن الاستثمار الشجاع اليوم مستقبلًا صحيًا وآمنًا ومزدهرًا للجميع.

إن الوقت قد حان للقيادة واتخاذ القرارات الشجاعة.